قد يقف المشاهد بمواجهة احد الأعمال في معرض تشكيلي ما، ليجد الاسم مدخلاً لمعرفة ما يدور في اللوحة، وقد يستفزه الاسم إن وجده لا يتلاءم مع ما يدور في العمل، خاصة في زمن كثرت فيه المدارس الفنية الحديثة، التي تحتمل الكثير من التسميات، وتصل لحد الاستغناء عن الاسم أحياناً. ليبقى الفنان في النهاية هو صاحب التجربة مع الاسم، مثلما هو صاحب التجربة، مع عمله الفني.
“البيان” استطلعت آراء عدد من الفنانين، الذين تحدثوا عن تجربتهم في اختيار أسماء لأعمالهم، أو ترك العمل بدون تسمية.
فلسفة الاسم
الفنان جلال لقمان قال: عادة ما يظهر الاسم قبل أن أبدأ العمل على اللوحة ، وأضاف: اسم اللوحة يكون متصلاً اتصالاً وطيداً بالشعور الذي تسبب بتكوين اللوحة.
وقال: العمل بدون اسم يعني انه على المشاهد أن يملأ الفراغ، فاللوحة بدون اسم مثل الذاكرة بدون شخصية، وعندها يعتمد الفنان على غيره لإيجاد هذه الشخصية. وأوضح: فلسفتي في العمل الفني بأن تتكون الشخصية قبل إنتاج العمل، “مثلاً” إن رأيت الألم في صورة طفل يكون الاسم في الألم والطفل هو الذي ولد الشعور ودفعني لرسم اللوحة.
ونوه لقمان بأن كل أعماله تحمل تسميات، وعن اختياره لأسماء معارضه قال: أختار أحيانا اسم المعرض من اسم احد الأعمال التي يحتويها المعرض، وقد اسمي المعرض معتمداً على حقبة زمنية معينة.
تفسير:
قالت الفنانة منى الخاجة أحياناً يأتي الاسم في أعمالي وليد الفكرة نفسها، وأحياناً اخرى أعمل على “ثيمة واحدة” فتأخذ مجموعة من الأعمال اسماً واحداً، معبرة عن المحتوى ذاته. وأضافت:
وإذا كان العمل واقعياً يتخذ اسمه من الشيء الذي أعمل عليه.
ورأت الخاجة بأن المشاهد قد يرى العمل غير ما يراه الفنان، ومن هنا تأتي التسمية لتوضح ماذا يريد الفنان، وقالت: بعض الفنانين لا يضعون أسماء لأعمالهم، ومن هنا كل شخص يراه بطريقة مغايرة عن الآخر، فالعمل قد يوحي للمشاهد بأفكار غير تلك التي يقصدها الفنان. وكشفت الخاجة بأنها قد تضع الاسم خلف اللوحة أحــــــياناً لاختبار تفسير العمل من قبل المشاهدين، وفي هذه الحالة تعجـــــبني قراءة المشاهدين للوحتي، خاصة وأنا أعبر عنهم بشيء آخر ولكني في ذات الوقت أوحي لهم بأشياء أخرى.
بلا عنوان
الفنان عبدالكريم سكر قال: لا أختار عادة التسميات للوحاتي عندما يكون العمل تأثيري فمثلاً عندما رسمت امرأة تركت الفكرة للمشاهد بأن يراها غاضبة أو أي شيء آخر. وأضاف: هناك اسقاطات في العمل وإذ وضعت عنواناً أجعل الفكرة محدودة. لذلك أتركها بدون عنوان ليضع المشاهد عنوانه الخاص عوضاً أن اجعل اللوحة محصورة ضمن عنوان محدد. وأوضح: لو وضعت عنوان الخيانة ورأى المشاهد أن اللوحة لا تحمل هذا المعنى سينتقد الاسم. وأشار سكر انه في حال وضع أسماء فإنه يضعها على اللوحات الواقعية. وقال: حين رسمت سفينة وسط بحر هائج وعاصفة وأمواج جاء الاسم مع العمل “السفينة الهائجة”.
وصف الفنان خالد البنا إطلاقه تسمية على العمل كمن يطلقها على مولد. وقال: يجب أن يكون للعمل اسماً فهو يكبر أمامي ويجب أن أختار له اسما، خاصة وأنه قد يمثل حالة ويطرح موضوعاً. وأوضح بأن التسمية تأتي بعد أن انتهي من فكرة ما في رأسي، وقد انطلق من حالات إنسانية واجتماعية وقد أعمل على “ثيمة” ويأتي الاسم مباشرة أو محور ماذا أريد من العمل. وأضاف البنا: في مرات قد استغني عن العنوان عندما تكون اللوحة عبارة عن علاقات لونية، وفي مرات قد أضع عنواناً بعد فترة من إنجازي العمل الذي يعني لي شيئاً ما.
ورأى البنا بأن التسمية تفسر للمشاهد، وتوصل إليه الفكرة دون الحاجة للكثير من النقاشات. وأشار إلى أنه ذات مرة شارك بعمل في معرض بالولايات المتحدة الأميركية عن الأمثال الشعبية في الإمارات، واعتمدوا العمل على أساس أنه يمثل مثلاً شعبياً وهو “حلاة الثوب رقعته منه وفيه” وقال: لم أكن أقصد حين اشتغلت على العمل بأن يتناسب مع هذا المثل. وفقا لما نشر بصحيفة البيان .
Copyright © 2021 artsgulf.com All Rights Reserved.
جميع الحقوق محفوظة لـ ترانا لتقنية المعلومات