خذ أزميلك وانحت ذلك الشكل المرسوم في ذهنك، كن فناناً يتابع مسيرة الآخرين، لا تتوقف فأنت جزء من مسيرة الفن، وعنصرٌ من عناصر استمراريته.. احمل بين أصابعك ريشتك، كاميرتك، بخاخك، حول المواد أمامك إلى شيء يتوقف أمامه المتفرجون، لا تعبئ بشهقاتهم، فسيأتي اليوم الذي سيتوقفون فيه مندهشين. اندمج مع الروح الكلية، ومارس عملية الخلق الفني.. لتكون!
شعرتُ وأنا أجول بين الأعمال المعلقة على جدران “مركز الفنون” بهذا الصوت، وهو يتسللُ من هذا المزيج المتنوع: لوحات زيتية، خشب منحوت، صور فوتوغرافية، جرافيتي، أعمال مبتدئية ومحترفة، هي نتاج ورش عمل أقامتها مبادرة “تشكيل” المنطوية تحت “مهرجان تاء الشباب” في موسمه التاسع، ليجمعها “صالون الشباب الفني” الذي افتتح مساء الثلاثاء (15 سبتمبر)، ضاماً بين جنبيه أعمالاً لبعض الفنانين البحرينيين الرواد، إلى جانب الهواة.
الاندماج من أجل الاستمرارية
تكمنُ أهمية مبادرة “صالون الشباب الفني” في كونها عمدت لدمج جيلين فنيين، جيل المحترفين، والهواة، وذلك عبر سلسلة من ورش العمل، التي كان نتاجها هذا المعرض. استوقفتُ رئيس المبادرة، الفنان التشكيلي علي حسين، ليحدثني عن هذه المبادرة: “عمدنا للتركيز على نقاط مهمة، أولها، خلق ألفة بين جيلين فنيين مختلفين، ومن ثم تحقيق أكبر استفادة للهواة، عبر ورش العمل التي أشرف عليها فنانون بحرينيون محترفون، وقد كان تركيزنا على النحت، وفن لجرافيتي، وذلك لكونهما يعانيان من النقص، كما أتحنى التسجيل في الورش لجميع الشباب، عبر التسجيل الإلكتروني، وأردنا من هذا التركيز، إيجاد جيل جديد مهتم بهذه الفنون”.
أما عن الأعمال التي عرضت في المعرض، فبين علي “شكلت لجنة فنية من قبل (هيئة البحرين للثقافة والآثار)، قامت بفرز الأعمال التي عرضت في المعرض، إذ كان لدينا أكثر من 60 مشاركاً في مجمل الورش”.
وانتهى حسين بأمانيه التي تنصبُ “في نطاق استمرار هذه المبادرات، التي تركز على خلق الطاقات، وإعداد الفنانين الشباب للمستقبل”، وأضاف “خرجنا من هذه الورش بالعديد من النتائج الإيجابية، واستطعنا عبر هذه المبادرة تأهيل العديد من الشباب، لخوض غمار الفن واثقين من أنفسهم ومن طاقاتهم”.
من جانبه، قدر الفنان وهاب تقي، الذي أشرف على تدريب الشباب على نحت الخشب، هذه المبادرة التي أطلقتها تاء الشباب، واصفاً إيها بـ “محطة الالتقاء، ودافعٍ للاستمرارية” وأضاف “وجدتُ شباباً هواة، محبين لتجربة النحت، ومتحمسين للتعرف عل تفاصيل هذا الفن، لهذا اشتغلتُ على تزويدهم بالأساسيات، وتعريفهم بالأدوات، ثم، عبر مراحل، كيفية تحويل قطعة الخشب العادية، إلى قطعة فنية”. ولفت تقي إلى أننا في البحرين “نفتقر للنحاتين بصورة عامة، وتركيز مبادرة (تشكيل) على هذا الجانب يقدر لهم، خاصة لكون مثل هذه الورش تدفع الشباب للتطلع بجدية لهذا الفن”.
الفنانة التشكيلية أماني الطواش، التي شاركت الهواة اشتغالهم، أكدت على أن هذه المشاركة “كانت بمثابة متعة مختلفة، إذ هنالك الروح الشبابية اللا متقيدة، والإيجابية، والمتفائلة”، وبينت بأنها وخلال مشاركتهم “حاولت نقل جملة من معارفي في الفن التشكيلي إليهم، عبر توجيههم، وتعليمهم، وتشجيعهم على الإقدام، وعدم التردد”.
خطوات نحو الاحتراف
الفوتوغرافي حسين القميش، المسؤول عن التصوير في مبادرة “تشكيل” بين أن المبادرة اشتغلت في هذا الموسم، على نقل خبرات المحترفين إلى الهواة، والعمل على صقل مواهبهم، إذ ارتكزت المحاضرة التي قدمها المصور الفوتوغرافي السعودي زهير لطريفي، على جانبين، نظري وعملي، وقد اختيرت قرى “شارع النخيل” لتكون ميادين للجزء العملي، حيثُ تمتاز هذه القرى بإمكنتها القديمة، وتنوعها الثقافي، ومواردها البيئية الطبيعية، وأكد أن النتائج كانت مختلفة على صعيد الصورة الفوتوغرافية.
من جهته، أوضح فنان لجرافيتي محمود الشرقاوي بأنهُ كمدرب لهذا الفن، عمل على تعريف الهواة على أساسيات هذا الفن، وقصة الجداريات، منتقلاً معهم إلى الجانب العملي، إذ “كان تفاعلهم وحماستهم مشجعة على المضي للخروج بنتائج إيجابية”، وأضاف الشرقاوي بأن مبادرة “تشكيل” هذا العام، “امتازت بورش عملها، التي استطاعت أن تخرج منتج عبر هؤلاء المبتدئين الهواة، وهو ما كان بمثابة تشجيع لهم على التجربة، وممارسة هذا الفن للخروج بمنتج مميز”.
تجارب وانطباعات
جلتُ في المعرض مستطلعاً أراء المشاركين حول الورش التي قدمتها “تشكيل”، وكانت الأراء تعكس إيجابية المبادرة، إذ سرد لي الفوتوغرافي جعفر الحداد، تجربته: “كانت ورشة الفوتوغرافي زهير لطريفي بمثابة محاولة لخلق وعي بأهمية تصوير الشارع، وحياة الناس، وقد استطاع، وهو الممتلك لتجربة فريدة من نوعها في هذا المجال، أن يزودنا بمعارفه، إذ بين لنا بأن هذا النوع من التصوير يرتكز على العفوية أكثر من كونه يقوم على قواعد معينة، وبناءً على استفادتي من هذه الورشة، خرجتُ بعملي الفوتوغرافي”.
علي العريبي، وهو مصور فوتوغرفي كذلك، أعرب عن استفادته مما قدمتهُ الورشة، وأكد بأن “هذا النوع من الفعاليات، وخصوصاً الورش التفاعلية، تغذي المصور بالمعلومات اللازمة على الصعيد النظري والعملي، وتصقل موهبته، للخروج بنتائج إيجابية، كما حصل معنا في هذا المعرض”.
الفوتوغرافية حياة عبد الصاحب، بينت أن أكبر درس في هذه الحياة هو التجريب، وعبر ورشة “تشكيل” التي أتاحت مساحة من التجريب، “استطعتُ أن أمارس اشتغالي كفوتوغرافية بروحية جديدة، إلى جانب تعزيز ثقتي، وعرض أعمالي” ولفتت بأن الورشة زودتها بـ “مفاتيح التعامل مع الآخرين في نطاق فوتوغرافي الشارع وحياة الناس”.
أمينة العايدي، وهي فنانة تشكيلية، أكدتُ على أن مثل هذه المبادرات “تخدمنا، خاصة على صعيد الإندماج مع الفنانين الرواد، وتتيح لنا الاطلاع على تجاربهم وكيفية اشتغالهم، كما تتيح لهم تزويدنا بتوجيهاتهم ووجهات نظرهم التي تعود ولابد علينا بالنفع”.
ولفتت العيادي بأن الورش التي أقيمت حول الفن التشكيلي، انعكست على تجربتها بشكل إيجابي، “وانعكس ذلك على عملي المشارك في هذا المعرض، والذي أعتبرهُ قفزة في المستوى بالمقارنة بأعمالي السابقة”.
فنان لجرافيتي، أيمن جعفر، أكد بأنهُ حقق استفادة كبيرة من مشاركته في ورش الجرافيتي، إذ “حققتُ استفادة انعكست على تطوير إسلوبي، وتوسيع مدارك معارفي حول هذا الفن، بالإضافة لتمكني من خلق تصاميمي الخاصة، دون اللجوء للتقليد”. وفقا لما نشر بصحيفة الايام.
Copyright © 2021 artsgulf.com All Rights Reserved.
جميع الحقوق محفوظة لـ ترانا لتقنية المعلومات