الفنان التشكيلي ستار السنجري احد من الفنانين الذين بدا منذ الصبا بخطوط ومنحنيات لتؤهله ان يبحر في عالم الطين والجبس ومن ثم الولوج مع اساتذة وطلبة التشكيل في معهد الفنون الجميلة ويواصل مشواره من خلال اعمال ومشاركات كان مجتهدا ومبدعا فيها
( الزمان ) حاورت الفنان ستار السنجري
في البداية لابد ان نتعرف على خطواتك الاولى وولوجك في عالم التشكيل من اين ومنى بدات بذرتها وهل هناك من مهد لك الطريق نحو المشهد التشكيلي؟
– في أيام الصبا ومنذ تلك المرحلة من عمري عرفت فيها متعة التجربة وحب الفضول للتعرف على الاشياء والمفردات التى أراها أو أسمعها وكثيرا ما كنت أفشل ولكنى بقيت فى عناد وتحد مع ذاتى.. كان اهتمامي قد بدأ بالرسم ومنذ المرحلة الابتدائية بدأت باستحياء أجرب ابتكار خطوط ومنحنيات أجد فيها متعة لا توصف ثم تشجعت فى المرحلة المتوسطة لصنع نماذج من الطين والجبس لا أستطيع تصنيفها بذاك الوقت على أنها منحوتات وأيضا كان لي اهتمام كبير في كتابة الخاطرة الأدبية التي زاد اهتمامي بها مع الوقت ولازلت أتذكر كثيرا من المواقف المحرجة أو الطريفة التي رافقت كل تلك الاهتمامات. وكانت الظروف آنذاك تختلف تماما عما هي عليه ألان إذ كانت وسائل المعرفة والتسلية وممارسة الهواية محدودة جدا وأدوات تحقيقها قليلة وصعبة المنال فالعالم بمقاييس اليوم كان صغيرا لا يتسع لتحقيق رغباتنا وإبراز قدراتنا فالعقول والمواهب كانت موجودة مقابل غياب عناصر تمكينها على عكس ما أراه اليوم حيث تتوفر الأسباب والوسائل الثرية بإمكاناتها مقابل غياب أو قلة العقول وسطحيتها.. وكانت البداية الحقيقية الأولى حين دخلت معهد الفنون الجميلة حيث بدأت فيها أصحح المسار الذي كنت عليه وكان أكبر أنجاز لي في تلك المرحلة حين اشتركت في مهرجان الواسطي وكان شعوري وقتها لا يوصف وأنا أرى عملي يعرض في أكبر قاعة عرض في بغداد إلى جانب أعمال أساتذتي وكبار الفنانين في تلك المرحلة ثم توالت من بعدها المشاركات على صعيد القطر وحينها كنت لا أزال في المرحلة الثالثة من مراحل المعهد وجاءتني الفرصة الكبرى تشجيعا حين تم اقتناء احد أعمالي ليكون ضمن المتحف الدائم لوزارة الثقافة وهذا كان أول مبلغ مادي اقبضه وأكبر دفعة معنوية لي في مواصلة الطريق والطموح للأكثر وبالفعل تحقق لي ذلك حين بلغت المرحلة الخامسة في المعهد حينها تم التعاقد معي من قبل وزارة الثقافة على أنجاز تمثال بقياس مترين ونصف لأحد الشهداء في مدينة البصرة ..وهكذا كانت المسيرة الفنية تسير على خطى أوسع وكانت لي البداية الأولى مع المشاركات الخارجية حين تم ترشيح عملين لي من قبل لجنة النحت العراقي حين كان الفنان عامر العبيدي مديرا لمركز الفنون ،حيث تم ترشيح العملين للمشاركة في المهرجان العالمي في مدينة تيمورا في اليابان … والحمد لله قد بلغة مشاركاتي القطرية والعربية والعالمية لحد يومنا هذا الى أكثر من 70 مشاركة وعمل .
ماذا يعني لك معـهد الفنون الجميلة؟
-معهد الفنون الجميلة بيت كانت ابوابه وشبابيكه مشرعة على امل جميل ، حالم … الجميع فيه يراودهم نفس الشعور وكأن الجميع تم انتقاؤهم ليحملوا ذاك الشعور .. هو ليس مؤسسة تعليمية تعنى بدراسة الفنون وحسب ،هو(( بودقة )) تنصهر فيها الأفكار والمشاعر الصادقة لتنتج أنساناً تتحكم فيه العواطف لحب ذاك المكان ،بجدرانه.. بشخوصه.. لا حتى بجميع أحاديثه ،ارتباط أجهل لهذه اللحظة سببه..وكأنه الولادة الحقيقية لوجودنا في هذا الكون ، لم أجد صداقة ولا أخوة حقه بعد تلك المرحلة ، الجميع يشعر بالفرح والقلق والخوف والحرص على بعضهم البعض رغم مرور أكثر من ثلاث عقود على تخرجنا منه … قد يشعر البعض ممن لم يخض هذه التجربة بأن في الأمر مبالغة .. أقول رغم كل ذلك .. هذا شعوري ولو في نفسي فقط .
من هم اسلافك الذين تعتز وتاثرت بهم نحو الشهرة ؟
– هم كثيرون ولكل واحد منهم له خصوصية منفردة عن الأخر .. وأعتذر عن ذكر الأسماء لكي أكون منصفاً للجميع . أساتذتي زملائي وكبار الفنانين من العراقيين أو العرب أو من العالميين . بداية كل فنان لا تكتمل دون أن تكون له عين يستقصي من خلالها أساليب وخبرة من سبقه في هذا المجال .
لو لم تكن تشكيليا ماذا ستكون ولماذا وقع اختيارك على التشكيل ؟
– ربما لازلت أبحث عن ستار السنجري لست أتصور نفسي غير بأنني تشكيلي رغم حبي للكتابة والأدب .أهم دافع في اختياري للفنون التشكيلية ، القلق والتوتر الدائمين اللذين يسكناني , على المستوى الذاتي او الجماعي , تلاحقني دائما الرغبة في التعبير عن أسئلتي وأرائي ومواقفي قصد مشاركة الآخرين مشاعري وتجربتي الفنية التي ظلت قابعة تعاني التلف والحيف…..هذه الأشياء وغيرها تحررني من اغترابي الداخلي وتطلق العنان لمكبوتاتي بكل أشكالها النفسية والاجتماعية والجمالي.انه البوح المحتوم القابع في تنايا الذات.
الى اي المدارس التشكيلية تنتمي ؟
– تقوم قناعتي على فكرة شديدة التعصب إلى أن اللوحة أو العمل النحتي باعتبارها منجزا إبداعيا بخصوصية بصرية لا تحتاج الترجمة أو أنتماء ، لا هوية لها، غير إنسانيتها شديدة الرقة وخصوصيتها المكثفة في مسامات منتجها وثقافته البصرية والروحية، وهي في هذا تتقدم على كل ما يمكن لنا أن نصنفه من تداعيات العولمة. فهي العولمة الإنسانية.أما المدارس الفنية، فهي تلك المحطات التي أراد بها البعض التصنيف بغاية نفعية، أو عملية، تجارية كانت، أو معرفية. والتصنيف في جميع الأحوال لا علاقة له بالمنتوج الإبداعي إلا بما يسهل من مهمة ودور الناقد في تقريب المتفرج من العمل المراد ترويجه أو مطاردته، تثمينه أو تبخيسه، وهي معايير لا تدخل في جوهر فعل الفنان إلا بالقدر الذي يتحول الفنان من مبدع إلى صانع “غرابيل” كأي مادة قيمية ينتفع بها في السوق أو البلاغة.
هل هناك أنصاف للمشهد التشكيلي من قبل الوزارة والجهات المعنية و كيف ترى وتقرا الواقع التشكيلي قبل وبعد سقوط النظام السابق ؟
– أنا لا استطيع أن أكون في موقع التقييم لأداء وزارة الثقافة أو الجهة المعنية في أدارة الواقع التشكيلي في العراق ، ليس لأنني بعيد عن ما يدور في الساحة الفنية أو لا أستطيع أن أضع خطا بيانياً لأدائها .. غير أن المشهد بات واضحاً وجلياً للجميع بأن هذا البلد بجميع أمكانياته الفنية الضخمة لا يمكن أن تحتويه في قاعات عرض باتت متهرئة دون تطوير أو تجديد أو يكون فيها العرض خجولاً كأبسط تقييم ، مقابل ما تشهده صالات العرض على مستوى المنطقة . كذلك الدعم الذي توفره للفنان لا يرتقي الى مستوى الطموح ، المشكلة قد تكون أزلية في بعض من جوانبها .. في العهد السابق كان الأعلام يركز على مجموعة معينة فقط من الفنانين دون الآخرين حتى أن الجمهور العراقي والعربي لا يعرف غيرهم ،متجاهل في نفس الوقت بأن هذا البلد فيه إمكانيات تتوالد جيل بعد أخر ، المحزن في الموضوع بأن هذه الإمكانيات تشرق وتغيب دون أن يذكرها أحد لا من بعيد ولا من قريب ، الا ما رحم ربي ورضي عنه الكبار من المتسيدين على الساحة الفنية !!!! والأمثلة كثيرة ..
متى تكون جاهزا ان ترسم وتخطط عملك ؟
-العملية الإبداعية تستوجب في إحدى شروطها حضور المكان، حسب المادة الإبداعية، لوحة، موسيقى، قصيدة رواية، ربما كانت اللوحة باعتبارها مشهدا بصريا ذات علاقة حساسة أشد تأثرا بالمكان كما للرواية خصوصية العلاقة بالناس والمناخ حساسيتها الخاصة. للمكان( المنزل، مجال الرؤية، الناس، المناخ، الألوان، الثقافة) دوره الأساس ليس في بناء لوحتي أو منحوتاتي بل حتى في صياغة درجة تفاعلي معها والقيم الروحية والجمالية التي شكلت مجموع مخيلتي كإنسان.
شاركت مؤخرا بمهرجان دولي في انطاليا ماذا كانت المشاركة وكيف كانت اصداء المشاركة بالنسبة للجمهور واللجنة المشرفة والمشاركين من الفنانين ؟
-أنطاليا محطة توقف فيها قطار مسيرتي الفني التي أطمح بأذن الله أن لا أتوقف فيها كثيرا رغم أنها محطة غاية في الجمال ، ليس لظرفها المكاني فقط بل هو الأندماج والتمازج الفني بيني وبين جميع المشاركين 166 فناناً ، والذي كان كل واحد منهم يحمل صفات وأسلوباً وتقنيات تجاربه الفنية ، وقع الأختيار من قبل اللجنة المنظمة على المهرجان علي وعلى الفنانة الرائعة بفنها وخلقها الرفيع فاطمة العبيدي في تمثيل العراق بعد مشاركتنا الأولى في مهرجان السلام الذي أقيم بمناسبة مرور مئة عام على معركة (جان قالا) والذي أقيم فيها نصب يحمل أسماء المشاركين جميعهم مع الأعمال في معرض دائم في الهواء الطلق ، وبسبب هذه المشاركة التي كان لها الأثر الفاعل والكبير في نفوس المشاركين والقائمين على هذا المهرجان ، ومن هذه الأنطلاقة والتمثيل جاءت دعوة المشاركة في مهرجان أنطاليا التي هي أيضا أخذت الصدى الواسع في وسائل الأعلام التركية وباقي وسائل الأعلام 22 دولة هي مجموع الدول المشاركة *.وحقيقة هنا أود أن أشكر وأثني على جريدة الزمان التي كانت هي الوحيدة من دون وسائل الأعلام العراقية المقروءة منها والمسموعة من قام بنشر والأشارة الى هذا المنجز الذي يحسب للثقافة والفنون العراقية قبل أن يكون الأنجاز محسوب للفنان نفسه* وقد أشاد الجميع بالمشاركة العراقية حيث أحتفا الجميع بنا أنا والفنانة فاطمة العبيدي أروع أحتفاء خاصة وتأتي هذه المشاركة والعراق يمر بأصعب الظروف من حربه ضد الأرهاب والمظاهرات التي تطالب بالإصلاح ، رغم ذلك كان أصرارنا على تمثيل العراق وأظهار حبه للسلام والمحبة والتواصل مع الشعوب بأجمل صورة له .
كفنان تشكيلي ماذا تطمح ؟
كل فنان له طموح وأنا أطمح لتقديم عمل عالمي وأيضا مؤثر… الفن رسالة وأتمنى لرسالتي أن تصل إلى كلّ بلدان العالم .كما أطمح من خلال تدريسي في معهد الفنون الى خلق جيل قادر ومتمكن من خلق فرص لنفسه في أن تكون له رسالة يحملها ، رسالة هذا البلد الذي لا تنضب طاقاته وسيستمر في الإبداع رغم ما أصابه من جراح..
الفنان في سطور
الأسم :- ستار داود سبع الأسم الفني :- ستار السنجري .مواليد :- 1966 ديالى /المقدادية
دبلوم معهد الفنون الجميلة /بغداد /1987 .بكلوريوس أكاديمية الفنون الجميلة /بغداد / 1999
عضو نقابة الفنانين العراقيين 1990عضو جمعية الفنانين التشكيلين 1993
عضو جمعية الفنانين /محافظة ديالى .عضو جمعية النحاتين العراقيين /بغداد
أستاذ في معهد الفنون الجميلة /محافظة ديالى .المشاركات والنصب
تمثال للشهيد احمد محمد مصطفى ) 198في مدينة البصرة (كورنيش العشار)
جداريه (نهر الحضارات )مساحة العمل 2.5*14 متر /1992 /بغداد/ في أحدى القاعات المهمة .تسعة جداريات نحت على الحجر في أحد القصور الرئاسية
المشاركة ضمن العمل الجماعي في أنجاز المنحوتات في نصب الشهيد /بغداد /1987
جدارية نحت دائرة صحة محافظة ديالى في مدخل مستشفى البتول/ بعقوبة /2010
المشاركات في المعارض الفنية
بلغت المشاركات على صعيد العراق والتي توزعت بين قاعات مركز الثقافة والفنون ..وقاعة جمعية الفنانين التشكيليين الى 56 مشاركة بين مهرجان للفنون ومعرض فني ….والتي تواصلت منذ عام 1984 الى عام 2015 ..وكان من أهم المشاركات هي مشاركتي في المهرجان العالمي الثالث للفنون التشكيلية عام 2002 .اما على صعيد المشاركات العالمية :- مشاركتي في المهرجان العالمي (عالم صغير بين يديك ) في مدينة ..تيمورا ..في اليابان 1990 . ومشاركتي في ملتقى بغداد للفن التشكيلي المعاصر ضمن فعاليات بغداد عاصمة الثقافة في 1/12/2013 وبمشاركة مجموعة من الفنانين العرب والأجانب ..ومهرجان مدينة آسفي في المغرب العربي 2014..وأخر المشاركات كانت في المهرجان العالمي للسلام في تركيا 2015 ومهرجان أورتوروز الدولي في مدينة أنطاليا .
واخيرا حصل على شهادات تقديرية عدة محلية وعربية ودولية . وفقا لما نشر بصحيفة الزمان العراقية.
التعليقات 1
الفنان التشكيلي والكاتب المسرحي/ ستار السنجري
20/04/2018 في 12:13 ص[3] رابط التعليق
الشكر والتقدير الكبير للقائمين على هذه النافذة الجميلة التي تطل بنا على عالم الفن والفنانين في الوطن العربي والعالم .. الف تحية لكم جميعا