من المسلم به ان الفن رسالة انسانية قبل كل شيء,رسالة لها دورها الفاعل في عملية النهوض بالواقع..اذا انه يعكس العالم بطريقة ملموسة فيخلق صورا فنية تتميز بالحيوية.. وفي هذا ينحصر سر التأثير الفني في نفوس البشر..فالفن الحقيقي هو الذي لا يتعالى على مألوف الحياة من تناقضات.. بل ينبغي له ان يثور على الفساد ويسخر منه..
فالفنان الكائن الحيوي الذي لا يعرف الحدود يتميز بكونه يمتلك اداته الفنية التي يحاول من خلالها طرح ما يحمله من مخزون فكري – تأملي – له مردوده البالغ في عملية التغير.
وفن اللوحة نشاط انساني له ميزاته التي تجعله يختلف في طبيعته عن باقي الانشطة الانسانية والظواهر الاجتماعية.. اذ انه يحتوي على قيم جمالية اذا ما فقدها فقد خصوصيته كفن.. فهو رؤيا واحساس عميق..والمهم في الفنان ان يعرف كيف ينظم عواطفه وافكاره على صورة عمل فني مؤثر بأعادة التجريد الواعي للحقائق والاحداث كون الفن نشاطا انسانيا يعبر عن الوجدان من خلال الذات الفردية (الفنان).. يقول فيلسوف الفن جويو (لابد للحياة الفردية من ان تفيض على الاخرين حتى لتجود بنفسها عند الاقتضاء.. وليس هذا الفيض منافيا لطبيعة الحياة..فالحياة كالنار لا يتصل لهيبها الا بالامتداد.. ليست الحياة تغذيا فحسب بل هي كذلك انتاج ,خصب .. الحياة كسب فأنفاق..الحياة عمل لا حساب.. ففي كل كائن حي ذخيرة من القوة ينفقها لا للذة النفاق بل لانه لابد من ان ينفق..فالعلة لا يمكن الا ان تنتج مفعولها ولو دون غاية..)..الحياة لها مشاهد متعددة لا تفصح من خفاياها بيسر وسهولة..ولها تجاربها التي لا تنبئ بمغزاها لعمقها اللا مرئي..ولهذاينظر لها العابر فلا يدركها ويقف عندها الفنان متأملا,محاورا فيغوص في اعماقها ويبحث في جوهرها ويفسرها ويستخلص ما فيها من قيم جمالية وانسانية..لان الفن ادرك اكثر مما هو نقل للمرئيات..وهو لغة انسانية تحقق للبشرية ضربا من التواصل.. وفهد الصكر في لوحاته يثق بالرسم في حدوده المطلقة فيكشف عن نفسه بخصوص الخطوط الرسمية حيث يكشف عن هويته هو يتعدى السطحية ليواجه المادة للعبور باللوحة من كونها سطحا مرئيا الى كونها كيانا معاشا..ومن هنا يظهر احساسه بتلاشي الحدود بين فكرة اللوحة ونزعته لابرازقواه التصويرية,انه يعيش لوحته وكأنها لحظة وجود او حياة بكاملها..انها التوتر وليس ما يمثل هذا التوتر او يدل عليه..انه يسعى لتنويع مصادره المعرفية ليس على مستوى الاسلوب بل وعلى مستوى دوافع الرسم والية استجابته لهذه الدوافع فهو يسعى دائما ليجعل من لوحاته حلا لحاجة الانسان اذ انه يحاول ان يغري المشاهد بخطوطه المتقاطعة والمتوازية ليجعل منه متأملا حقيقيا وباحثا عن شيء قد يجده في اللوحة..وهذا يعني غرس الثقة باللوحة..ان اسعتماله المحاكاة الفوتوغرافية المجزأة الى الكولاج بروحيه الى اللوحة المرتبطة باللحظة..لحظة الانفعال الذاتي الى التاريخي في البحث عن اسرار الجمال للوحدات التشكيلية.. فتصميم اللوحة عند الصكر يستمد وحدته وموضوعه من تأثيرات الزخرفة الهندسية باسلوب بسيط الشكل غني المضمون يمدنا بعمق زماني ومكاني .. اذفي لوحته حوارات ذاتية خفية ..
تتميز بحركاتها ونموها الذي تدركه عبر الخيال الذي يعني تكثيف الواقع وتحويله الى خلاصة مركزة كما يقول كافكا.. اوهو القدرة على خلق صور تتعدى الواقع وتتغنى به كما يقول باشلار.. كون اللوحة ظاهرة حية تطرح قضية من قضايا البشر.. والوانها المتناغمة الناشئة عن شحنتها الذاتية مع ايقاعات مختفية خلفها.. لذا فاللوحة عند الصكر انطباعات شاعرية متوهجة حاملة مشاعر فنان وخواطر شفافة تحسها وتشعر بها النفس كونها تختزن وضوح تعبيري يدغدغ المشاعر ويبهج النفس.. فلوحات الصكر تتضمن مضامين تاريخية..دينية..عاطفية..رمزية والمرأة تشكل الوجود والاستمرار و(الحب والمستقبل) كما يقول اراغون وهي كما وصفها دولاكروا ب(ملحمة رائعة لم يتوصل احد الى اعماقها) فالمرأة عنده فلسفة الجمال وجمال الطبيعة انها الوجود والالهام فهي كما يقول بلزاك(ان كل امراه يلامسها الرجل تمثل رواية لا يكتبها..) انها الموضوع الازلي الذي يشغل كل زمان ومكان..وفهد الصكر الذي تضارع لوحته لوحات (ضياءالعزاوي) فالعنصر المعماري عنده يمنح اللوحة رصانه..فالزخرفة الايحائية والشاعرية على اجواء اللوحة كونه يعيش موضوعه قبل ان يصبح لوحة منقولة على الورق.. فشخوصه وجوه الحياة الشعبية واحياؤها المثقلة بالاسرار والالام التي لا تحدها حدود..لذا كان فنه فنا انسانيا بسيطا مع سيطرة على خطوطه وتكنيك يوصله الى هدفه الفني بحس دقيق وقلق هادئ.. في خطوطه حيوية وحركة لينة.. جذابة متألقة ومنتظمة تعبر عن مقدرة فنية..وبهذا امتلك اسرار الخطوط والاستحواذ على جمالها الزخرفي كما عند جواد سليم مع انسياب تشكيلي رقيق ناطق يعبر عن دواخله بشكل تعبيري فعال مع سحرية جماليه مدهشة مثيرة لكوامن النفس والحس عند المشاهد..فهي تخاطبه مباشرة بلا غموض مع تحاشي التجريد في طريقه احساسه بالحياة والطبيعة لانه حريص على انشاء علاقة بينه وبين الرؤية الطبيعية..لذا كان الصكر صديقا حميما لشخصه وما يحيط به ومشاهده..وفقا لما نشر في صحيفة الزمان العراقية
Copyright © 2021 artsgulf.com All Rights Reserved.
جميع الحقوق محفوظة لـ ترانا لتقنية المعلومات